الثانـي: على تقدير تسليمه فهو تفسير باللازم للإله الحق، فإن اللازم له أن يكون خالقا قادرا على الاختراع، ومتى لم يكن كذلك، فليس بإله حق وإن سمي إلها، وليس مراده أن من عرف أن الإله هو القادر على الاختراع فقد دخل في الإسلام، وأتى بتحقيق المرام، من مفتاح دار السلام، فإن هذا لا يقوله أحد؛ لأنه يستلزم أن يكون كفار العرب مسلمين، ولو قدر أن بعض المتأخرين أرادوا ذلك فهم مخطئون، يرد عليهم بالدلائل السمعية والعقلية.
فمن قال هذه الكلمة عارفا لمعناها، عاملا بمقتضاها: من نفي الشرك، وإثبات الوحدانية لله، مع الاعتقاد الجازم لما تضمنته من ذلك والعمل به، فهذا هو المسلم حقا، فإن عمل به ظاهرا من غير اعتقاد فهو المنافق، وإن عمل بخلافها من الشرك فهو الكافر ولو قالها، ألا ترى أن المنافقين يعملون بها ظاهرا وهم في الدرك الأسفل من النار، واليهود يقولونها وهم على ما هم عليه من الشرك والكفر، فلم تنفعهم، وكذلك من ارتد عن الإسلام بإنكار شيء من لوازمها وحقوقها فإنها لا تنفعه، ولو قالها مائة ألف، فكذلك من يقولها ممن يصرف أنواع العبادة لغير الله، كعبادة القبور والأصنام، فلا تنفعهم ولا يدخلون في الحديث الذي جاء في فضلها، وما أشبهه من الأحاديث، وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بقوله: وحده لا شريك له.