وقد وقع هذا النوع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقام بعلاجها، ففي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يسألون عن عبادته ، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: أين نحن من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وقد غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فعلى المسلم أن يحرص على تدبر القرآن ، وتدبر السنة ، وتعلم العلم النافع ، فإنه السبيل إلى صلاح قلبه ، واستقامته على الطريق الوسط ، من غير إفراط ولا تفريط.
وقد عالج النبي -صلى الله عليه وسلم- ما لمسه من ظواهر سلوكية فيها تشدد ظهرت في عهده، وحذّر أصحابه من الغلو أشد تحذير، وأرشدهم إلى اتباع السنة، ومن ذلك ما جاء في حديث أنس -رضي الله عنه- قال: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي رواه البخاري 5063 ، ومسلم 1401.
عن ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: هَاتِ، الْقُطْ لِي، فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ، قَالَ: بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ رواه النسائي 3057 ، وابن ماجه 3029 ، وأحمد 1851 ، وصححه ابن خزيمة 2867 وابن حبان 3871 ، ومعنى "غداة العقبة": أي صباح يوم النحر حيث ترمى جمرة العقبة، "القط لي": أي اجمع لي الحصى، "الخذف": الحصى الصغار التي يرمى بها.