وكانت الهزيمة العربية القاسية التي لحقت بالجيوش العربية قد بيّنت عدم واقعية التصوّرات التي سادت في المرحلة السابقة إزاء مستقبل اليهود الإسرائيليين في فلسطين، وأظهرت لحركة المقاومةالفلسطينية، بخاصة بعد إقرار عدد من الدول العربية بوجود إسرائيل كأمر واقع، أن التعايش مع هؤلاء اليهود هو أمر لا مفر منه، وأنه لا بد بالتالي من طرح صيغة معقولة، ويمكن أن تكون مقبولة على الصعيد العالمي، لتنظيم هذا التعايش.
ففي حين أن الانتفاضة الأولى أعادت تنشيط منظمة التحرير الفلسطينية، التي بقيت باعتبارها المنظمة الوحيدة القادرة على الحكم في فلسطين، فإن انتفاضة الأقصى التي تحولت إلى العسكرة أضعفت بشدة منظمات السلطة الفلسطينية بعد أن دمرت إسرائيل أغلبية مؤسسات السلطة الفلسطينية عندما اجتاحت الضفة الغربية.
ومع ذلك، فإن غياب دعم النخبة العملي لهذه الاحتجاجات اللاعنفية يجعل نموذج مقاومتها محكوماً بالبقاء على الهامش.
وعلى الرغم من أن استراتيجية حرب العصابات استراتيجية دفاعية، إلا أن تكتيك هذه الحرب تكتيك هجومي، ورغم اختلال ميزان القوى ضد مصلحة العصابات على المستوى الاستراتيجي، فإنها تسعى إلى تأمين التفوق على المستوى التكتيكي، ولتحقيق ذلك تطبق العصابات تكتيكات هجومية الطابع: كالإغارة، والدوريات والهجمات على المواقع المنعزلة، والكمائن، والاغتيالات وحرب الألغام والمتفجرات، وقصف المواقع، والحرب السرية الأيوبي،1981-أ: 724.