فقد استبدل الإسلام، مُنذُ بداياته، بِرابطة الدين والعقيدة، والغزو والحرب وفق الأعراف السائدة بما تنصُّ عليه ، والتمزُّق القبليّ بِوحدة الأُمَّة، وحدَّ من النِزاعات القبليَّة التقليديَّة من خِلال رفع مبدأ الثأر بِشكله القبليّ، ونقل مسؤوليَّة ذلك إلى الجماعة الإسلاميَّة، وشرَّع الجهاد في سبيل الله بدلًا من القِتال من أجل الثأر أو التسابق على الماء والكلأ، وأطاح بِفرديَّة القبيلة لِقاء فكرة الجماعيَّة التي تستند عليها الأُمَّة، وأرسى قواعد الدولة الإسلاميَّة، وساوى بين المُسلمين دون النظر إلى أُصولهم وألوانهم وأعراقهم، ودعا إلى التكافل والتضامن، ونظَّم المُجتمع العربيّ على نحوٍ يتناسب وطِباع العرب، ومع ذلك لم يتمكّن من الإنجاز التام والنهائي لِمدِّ نُفوذ الدَّولةِ الإسلاميَّة الناشئة على سائر أنحاء شبه الجزيرة العربيَّة، فبقيت العادات والتقاليد القبليَّة القديمة مُتجذِّرة في نُفوس القبائل المُقيمة على أطراف شبه الجزيرة، وكانت أقوى من رابطة الدين.
.