وكل ما وصل إلينا من أخبار ذلك الموقف يدل على شيء واحد لا محل فيه للخلاف الطويل بين الناظرين إليه من الوجهة التاريخية الخالصة، وهو عمل معاوية لنفسه في كل مطلب طلبه من عثمان، وكل نصيحة أسداها إليه، وكل مشورة أشار بها عليه، فليس في هذه المطالب والنصائح أو المشورات شيء قط تجرد من منفعة ينظر إليها معاوية في حاضره أو مصيره، وكل ما عدا ذلك فقد يكثر فيه الخلاف، ويؤول فيه التأويل.
ثاني عشر: العدل: واتصف عثمان - رضي الله عنه - بصفة العدل؛ فعن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه دخل على عثمان - رضي الله عنه - وهو محصور فقال له: إنك إمام العامة وقد نزل بك ما ترى، وهو ذا يصلي بنا إمام فتنة -عبد الرحمن بن عديس البلوى- وأنا أخرج من الصلاة معه،، فقال له عثمان: إن الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم.