ومن الأمور التي طورها مجلس الأمن وتوسع في تفسير نطاقها، موضوع يتعلق بصلب مهامه واختصاصه، وفق نص المادة 39 من الفصل السابع من الميثاق الذي خول المجلس أن «يقرر ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به، أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان»… أعطى هذا النص المجلس تفسيراً واسعاً خلافاً لمفهومه السابق الذي اعتبر أن الصراعات المسلحة التي كانت حكراً على الدول المتحاربة، هي فقط التي تهدد السلم والأمن الدوليين، وتطور إلى اعتبار الحرب الأهلية داخل إطار الدولة الواحدة، تمثل أيضاً تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وكذلك لم يعد مفهوم الحرب بالمعنى الاستراتيجي يقتصر على النزاعات المسلحة، وأصبح يشمل أيضاً مجالات أخرى واسعة ومتعددة تتعلق بوجود الاختلالات في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والمخاطر البيئية.
المادة 41 لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء "الأمم المتحدة" تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية.
ومن ثمّ أصبحت أديس أبابا معزولة لأن كلاً من القاهرة والخرطوم رفضتا التوقيع على أي اتفاقات منفردة، واتفقتا على ضرورة وجود اتفاق مكتوب بضمانات دولية برعاية جهات دولية مثل الولايات المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وغيرها.
والسؤال المطروح هنا: لماذا يعتبر الكثيرون مجلس الأمن الدولي أهم أجهزة الأمم المتحدة من بين الأجهزة الستة الرئيسية للمنظمة؟ وهل سبب ذلك يعود إلى طبيعة المهام التي كُلف بها من قِبل ميثاق الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين أم لأسباب أخرى؟ وهل المجلس تقيّد بأنشطته بما هو منصوص عليه، أم أضاف لنفسه عبر الممارسة العملية أنشطة أخرى غير منصوص عليها في الميثاق؟ وهل بالإمكان مراجعة وتقييم قرارات المجلس أم يصعب عمل ذلك؟ وهل يمكن اعتبار المجلس إطاراً لحل الأزمات، أم أن الأمر ليس دائماً كذلك، حيث يمكن أن يشكّل المجلس في بعض الحالات إطاراً لإطالة أمد الأزمات؟ قبل مؤتمر سان فرانسيسكو الذي انطلقت منه بداية تأسيس الأمم المتحدة اتفق قادة التحالف المنتصر في الحرب العالمية الثانية في مؤتمر يالطا في فبراير شباط 1945، وهم روزفلت وستالين وتشرشل، على أن يضاف إليهم في مؤتمر سان فرانسيسكو في يونيو حزيران عند قيام الأمم المتحدة، كل من فرنسا والصين الوطنية، لتكون الدول الخمس أعضاء دائمين في مجلس الأمن، ويضاف إليهم ستة أعضاء غير دائمين ليصبح العدد الإجمالي أحد عشر عضواً، ليتم بعد ذلك توسيع عدد الأعضاء غير الدائمين إلى خمسة عشر عضواً.