ولكن محاولات المخابرات السورية لقتل أبو عمار لم تتوقف ولهم رجالهم في طرابلس لرصد تحركات أبو عمار.
.
هذه الفعلة بحد ذاتها استنفرت زخماً مهماً لمصلحة بقاء الرئيس عرفات في قيادته ودفعت بالعديد من المترددين من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح للالتفاف حوله إلا أن الضغط الإقليمي لسوريا وبعض الكيانات الأخرى ظل واضحاً عبر شكل من الانقسام الحاد على صعيد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كان عرفات الزئبقي يمتلك طاقة كريزماتية عجيبة بالإضافة إلى مخزون هائل من التجارب المريرة، وبينما كان القائد الكبير صلاح خلف "أبو إياد" يحرجه عبر بعض الانتقادات اللاذعة فإنه أي أبو إياد ومن خلال موقعه ومكانته التاريخية وقدراته الخارقة على التفكير والتدبير ظل يواصل اجتهادا ته الدأوبة وبمساعدة فذة وناعمة في هدوئها من قبل الأخ القائد هايل عبد الحميد "أبو الهول" لجمع فصائل العمل الوطني الفلسطيني وقوى اليسار الفلسطيني بالذات حول الشرعية الفلسطينية، وبعيداً عن صخب الحوارات كان الأخ القائد خالد الحسن "أبو السعيد" يبذل جهداً خارقاً عبر البوابتين السعودية والمغربية لفتح نافذة للحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى وإن كان ذلك عبر الثغرة الأردنية المهيأة لاستقبال مثل هذا الحوار، في حين ظل القائد الفذ خليل الوزير "أبو جهاد" يواصل عبر عمله الصامت بلا كلل أو ملل الإمساك بورقة الداخل الفلسطيني الاستراتيجية وباعتبار أن تونس المقر لن تكون المستقر للقيادة الفلسطينية، فعين الجميع على فلسطين والعودة للضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة حلم يُراودهم جميعاً عبر اقترابه من الحقيقة 000 وكيف لا ؟ والرئيس عرفات يقول للصحفيين وهم يسألونه عن وجهته القادمة بينما تعتلي قدماه ظهر السفينة الراحلة به مع مقاتليه من بيروت إلى أين ؟ فيرد عليهم بتحدي وهو يرفع شارة النصر000 إلى القدس، وبالفعل كانوا جميعاً وكما ذكرتهم قادة غير عاديين وبقدر ما كانوا يحبون في ياسر عرفات زئبقيته كانوا في نفس الوقت يمقتون فيه وبأشكال مختلفة أنانيته عبر استفراده الدائم بالقرارات الصعبة، وبطريقة عجيبة وعلى طريقتهم الخاصة كانوا كلما أحسوا بالوهن أو الضعف وهو يتسلل من خلال ثغرة ما إلى جسد وروح وعقل الرئيس عرفات يسارعون لملئ وسد هذه الثغرات حفاظاً على هيبته ورمزيته الوطنية، وكان القائد أبو إياد يقول: نحن الذين صنعنا منه الأسطورة ولن نقبل ومهما كان الثمن بأن نحوله إلى تمثال وإله من العجوة نأكله بعد أن تنتهي المواسم كما كانت تفعل العرب في عصور الشرك والجاهلية، لقد عينته بورقة صغيرة كتبتها وقرأتها على الصحفيين في عمان عام 1968م عندما اعتبرته قائداً عاماً وناطقاً عاماً باسم الثورة، وسيبقى كذلك بالرغم من خلافاتنا معه من أجل الثورة ومن أجل فلسطين وحتى النصر بإذن الله.
وفي هذا اللقاء أعاد الكركي تقديم اعترافٍ تفصيليٍّ عن حادثة الاختطاف: قام هو وبمشاركة كلٍّ من فتوح وشحدة وسمّور الجعبري بالدخول إلى بيت الراحل يوسف، قبل عودته في ليلة الخامس من شباط، وأنّه كانت بحوزتهم نسخةٌ من مفاتيح البيت أعطاهم إياها جميل حمد الذي كلّف الكركي بالمَهمّة.