الطبقات الكبرى، الجزء الأول، صفحة: 265.
بعد اتخذ الانقسام الذي أفرزته الثورة عليه طابعًا نهائيًّا، بفعل عمق الجرح واتساع الهوَّة بين الفئات المُتناقضةِ التوجهاتِ في المُجتمع الإسلامي، وخَلَق فرزًا اجتماعيًّا جذريًّا بين الجمهور القبلي من جانب، وبين النخبة القُرشيَّة من جانبٍ آخر، بالإضافة إلى ولادة الفِرق السياسيَّة، ونُشوء الفكر السياسي في تاريخ الإسلام.
جلس الصحابة الذين عيَّنهم عمر يتشاورون، وعند بدء المشاورة قرَّر عبد الرحمن بن عوف النأي بنفسه عن الترشُّح ليشرف على العملية، فأخذ يخلو بكلّ واحدٍ من الباقين ليسأله من يرشح من زملائه للخلافة، ورشَّح عليٌّ وسعدٌ عثمانَ، بينما رشح عثمانُ والزبيرُ عليًّا، وأما طلحة فقد غاب، ولم يشأ عبد الرحمن أن يحسم الأمر بنفسه، فأخذ يسأل الناس لأيام، حتى وجد أن معظمهم يؤيّدون عثمانَ، وكانت بيعته في نهاية ذي الحجة أو مطلع محرَّم عام 24هـ بداية نوفمبر عام 644م.
دار النهضة العربية، بيروت - لبنان.