ومن البيِّن جدًا أن النهي عن بناء المساجد على القبور ليس مقصودًا بالذات ، كما أن الأمر ببناء المساجد في الدور والمحلات ليس مقصودًا بالذات ، بل ذلك كله من أجل الصلاة فيها ، سلبًا أو إيجابًا ، يوضح ذلك المثال الآتي :لو أن رجلًا بنى مسجدًا في مكان قفر غير مأهول، ولا يأتيه أحد للصلاة فيه، فليس لهذا الرجل أي أجر في بنائه لهذا المسجد ، بل هو آثم لإضاعة المال ، ووضعه الشئ في غير محله! لابد كما سبق من الوسط بين التعطيل وبين التشبيه، فلا يبالغ ويغلو في تنـزيه الله حتى يعطل الله من صفاته كما فعل المعطلة، ولا يُثبت إثباتاً فيه غلو حتى يشبه الله بخلقه، بل يعتدل فيُثبت لله ما ثبته لنفسه له رسوله، من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تعطيل ولا تكييف، هذا هو الصراط المستقيم المعتدل.
وفي هذه القصة أن الأنبياء لا يُسألون ولا يُقصَدون ، بل ربما صار حصول مقصودهم، ونيل مطلوبهم على يد من هو دونهم من المؤمنين ، وإن أعظم الوسائل ، وأشرف المقاصد هو: توحيد الله بعبادته ودعائه وحده لا شريك له كما فعل آصف.