وهكذا ظهر في إقليمه نوعٌ من الحياة يتعاقب من غير تَحَوُّلٍ في غضون الأجيال ويتكرر برجوع الأوضاع نفسها مع الأدوار والحدود التي لا تستطيع الطائرة ولا الإذاعة أن تُغَيِّرها.
ولنُقَابِلْ بين الأَتِّيك وجارته الشمالية بِيُوسْيَة المقتطَعةِ من البحر، والمُرَصَّعةِ ببحيراتٍ والرطيبةِ الجَوِّ والباردةِ الشتاءِ والخصيبةِ الأرض، لنُبْصِرَ أنها أنشأت شعبًا من الفَلَّاحين الرُّزَناءِ المُتَحرِّزين.
وقد عَرَف كيف يكتشفُ، ويُمْسِكُ لديه، أعظمَ أساتذة زمنه، فكان يشجعهم على الكتابة والتصوير والنحت، وقد اختار خليلةً له متعمدًا، ودافع عن هذه المرأة العبقرية ضِدَّ جميع التُّهَم، دافع عن هذه المرأة المُتَّهَمةِ في عِرْضِها والتي كانت تدير كليةً لدرس الغرام، فكان له بذلك وَضْعُ مَلِكٍ يَعْلُو به مَنْ يسيطر عليهم من الرجال، وضْعُ ناظمٍ للمسرح نابغةٍ يُعَدُّ زُبْدةَ مُمَثِّلِيه، ويُقال «عصرُ برِكْلِس» عادةً، مع أن بركْلس لم يَقْبِض على زمام الأمور غيرَ ثلاثين عامًا.
وتظلُّ صِقِلِّية، التي هي مركز البحر المتوسط والتي هي أروعُ رِهَان، قبضةَ الحليفتين، وستكون مدارَ صِرَاعٍ قاطع لا ريب.