ومما ينبه إليه: أن مذهب المشبهة الذين شبهوا الله سبحانه وتعالى بخلقه، وأثبتوا له من الصفات على وجه يقتضي التشبيه بما هو من مخلوقاته، هذا المذهب الذي استعمله المشبهة كـ ونحوه، ثم جاء بعدهم قوم دونهم في مقالة التشبيه كـ وأتباعه؛ هؤلاء أيضاً قولهم في التشبيه مبني على علم الكلام، وبهذا يُعلم أن علم الكلام الذي ذمه الأئمة من الفقهاء والمحدثين الذي هو علم مولد من الفلسفة، ومركب في جمهور أمره منها، وإن كانت فيه مقاصد مجملة من الشريعة، أو مقاصد كلية من العقل -هو الذي أوجب مقالة النفي والتعطيل، ومقالة التشبيه والتمثيل، ولا يظن أحد أن مقالة المشبهة أو المجسمة -كـ وأتباعه- لم تكن على أصول علم الكلام؛ بل إن كان من المتكلمين؛ بل كان من علماء الكلام المشهورين.
قوله: ونظائر هذا كثيرة : أي: أنه ورد في مواضع كثيرة من القرآن أن الله سبحانه وتعالى سمى نفسه بأسماء، وجاء ذكر بعض هذه الأسماء في حق المخلوقين من بني آدم، ووصف نفسه بصفات، وجاء ذكر بعض هذه الصفات مضافة إليهم، وهذه الإضافة إلى المخلوقين تدل على نقص هذه الصفات في حقهم، كما أن الصفة إذا أضيفت إلى الله سبحانه وتعالى دلت على أنها صفة كمال مطلق؛ لأن الصفة تبع لموصوفها، فإذا كان الموصوف كاملاً من كل وجه فإن الصفة لابد أن تكون صفة كمال مطلق، وهذه هي صفات الله سبحانه وتعالى.