ركب طوالي في اللوري ونادى واحد من العيال الصغار وقال له: أجري بيتنا هناك خلى مرطي تديك توبي.
وشكرا لك أخي الحبيب مجالسة الاحياء من حكايا الشيخ الأكبر في فتوحاته: انقطعت في القبور مدة منفردا بنفسي فبلغني إن شيخنا يوسف بن يخلف الكرمي قال إن فلانا وسماني ترك مجالسة الأحياء وراح يجالس الأموات فبعثت إليه لو جئتني لرأيت من أجالس فصلى الضحى وأقبل إلي وحده فطلب علي فوجدني بين القبور قاعدا مطرقا وأنا أتكلم على من حضرني من الأرواح فجلس إلى جانبي بأدب قليلا قليلا فنظرت إليه فرأيته قد تغير لونه وضاق نفسه فكان لا يقدر يرفع رأسه من الثقل الذي نزل عليه وأنا أنظر إليه وأتبسم فلا يقدر أن يتبسم لما هو فيه من الكرب فلما فرغت من الكلام وصدر الوارد خفف عن الشيخ واستراح ورد وجهه إلي فقبل بين عيني فقلت له يا أستاذ من يجالس الموتى أنا أو أنت قال لا والله بل أنا أجالس الموتى والله لو تمادى علي الحال فطست وانصرف وتركني فكان يقول من أراد أن يعتزل عن الناس فليعتزل مثل فلان.