وعند ذلك قال «اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: والمقصرين، فأعاد: وأعادوا ثلاثا، وقال في الرابعة والمقصرين».
.
وقد شَدّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الرِّحال إلى بيت الله الحرام في مكّة المُكرَّمة؛ لأداء مناسك الحجّ، وكانت تلك الرحلة مُناسَبةً مُهمّةً؛ لتعليم المسلمين مناسك فريضة الحجّ، وإقامة شعائر الدِّيْن، فقد بلَّغ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في حجّته مَقاصد رسالته، وبراهين أداء أمانته، كما أوصى أمّتَه فيها بوصايا مهمّةٍ، آخذاً عليهم عهدَ الله وميثاقَه، مُؤكِّداً زوال إِرث الجاهليّة، وواضعاً عاداتها الباطلة؛ ولذلك كانت تلك الحجّة من أعظم المَحطّات في تاريخ الإسلام؛ إذ تضمَّنت التي رسَّخت عدّة مَعانٍ وقِيَمٍ عظيمةٍ، فكانت مدرسةً ربّانيةً أحيَت في نفوس الأمّة الهِمّة، كما بعثت كلمات النبيّ النشاط والقوّة في النفوس، وغرست معاني الرَّحمة، والعَطف، والمَحبّة.
وفي ضحى يوم الخميس الثامن من شهر ذي الحجّة، توجّه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى مِنى، فصلّى فيها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفجر اليوم التاسع، ثمّ مكثَ قليلاً حتى طلعت الشمس، وأقام في نَمِرة.