والذي جمع أسلافنا الذين جمعوا الناس على قراءة زيد دون أُبي بن كعب وعبد الله بن مسعود، والذين رأَوا من قول عبد الله في المُعوذتَين وقول أُبيٍّ في سورتي العرب ومن تَعلُّق الناس بالاختلاف فكانوا لا يزالون قد رَأَوا الرجل يروي الحرف الشاذَّ ويقرأ بالحرف الذي لا يعرفونه، فرأوا أن تحصينه لا يتم إلا بحمل الناس على المقروء عندهم المشهور فيما بينهم، وأنهم إن لم يُشدِّدوا في ذلك لم ينقطع الطمع ولم ينزجر الطير.
فلأنهم أعلم الأمة بمصالح الأمة، ولأنهم أحرص الناس على الإصلاح، ولأنهم أحرصهم على سيادة العلم؛ فكان دورهم جد كبير في إخراج العلماء، وفي تربية المجتمع على إخراج وتنشئة هؤلاء العلماء.